يلقى المشروع الخاص بشركة فيسبوك والمتعلق بالعملات الرقمية اهتمام واسع النطاق من قبل العديد من الجهات سواء الرسمية أو الغير رسمية؛ فقد وصل الأمر إلى اهتمام الكونجرس الأمريكي بهذا المشروع بل ومناقشته في خلال عدد من الجلسات والتي لم تنتهي حتى يومنا هذا. على الناحية الأخرى ينتظر صف طويل من المستثمرين بداية إستثمار جديد من خلال شركة واسعة الأنتشار وعملاقة مثل فيسبوك، ولهذا من الطبيعي أن يكون هناك زخم كبير جدأ حول هذا المشروع في العالم كله.
عملة ليبرا الرقمية الخاصة للفيسبوك
تجدر الأشارة إلى أن الجلسات التي يعقدها الكونجرس دافيد ماركوس وهو مدير مشروع العملات الرقمية الخاص بفيسبوك سببها الأول هو تخوف كبير من شعبية فيسبوك في العالم كله، فالتوقعات تشير إلى أنه بمجرد طرح العملات الرقمية لفيسبوك سوف يكون هناك إقبال كبير من المستثمرين وحتى الأفراد العاديين على شراء تلك العملات، ونتيجة لهذا سوف يكون لشركة فيسبوك نفوذ وسلطة كبيرة في الإقتصاد العالمي الأمر الذي يجب على الحكومات أن تخشاه وتتعامل معه بجديه وذلك بحسب المشاورات الداخلية داخل الكونجرس.
سُلطة فيسبوك في المجال الاقتصادي
ما يزيد موقف فيسبوك صعوبة هو المشكلة السابقة الخاصة بالبيانات والتي حضرها مارك زوكربيرغ بنفسه، حيث واجه وابل من الإتهامات الخاصة بتسريب بيانات العملاء، والتي لم يفلح الكونجرس في أثباتها على شركته. فالحكومة الأمريكية لا تنوي أن تضع الثقة في شركة فيسبوك مرة أخرى خشيه أن تهيمن فيسبوك على الإقتصاد أو تعرض حسابات الأشخاص البسطاء في الولايات المتحدى لأمور مالية صعبة نتيجة تقلبات سوف تكون خارجة عن يد الحكومة في هذه الحالة. فهم لا يثقون على الأطلاق في قدرة فيسبوك على محاربة عمليات غسيل الأموال أو السرقة أو تقلب سعر العملة؛ فالأمر برمته أكبر من شركة فيسبوك بحسب ما يراه أعضاء الكونجرس الأمريكي.
شركة فيسبوك والكونجرس الأمريكي حول عملة ليبرا الرقمية
لقد حاول دافيد ماركوس بعث الاطمئنان في نفوس أعضاء الكونجرس من خلال محاولته لشرح ماهية “الليبرا” وهي الأسم الذي تنوي فيسبوك أطلاقه على عملتها الإلكترونية، فقد وضح أن عمله الليبرا سوف تكون مختلفة عن باقي العملات والتي تتسم بالتقلب، فهو يقول أن سوف تكون الليبرا أول علمية إلكترونية ذات أحتياطي من العملات النقدية المتنوعة مثل الدولار والجنية الإسترليني واليورو والين وغيرها من العملات الرئيسية التي سوف تضمن عدم تقلب السعر بشكل جامح، ولكن هذه الفكرة لم تكن مقنعه بما يكفي للكونجرس الأمريكي فقد صرحوا بأن كل العملات الإلكترونية تعتمد على مبدأ وجود عملات نقدية كأحتياطي لها والذي غالباً ما يكون الدولار الأمريكي وأن فكرة وجود أكثر من عملة لن يكون بالشيء المميز القادر على ضمان عدم التقلب من لحظة إلى أخرى.
في أحد الجلسات ضغط العضو ماكهينري على دافيد ماركوس حين سأله إذا ما كانت أصول العملات الرقمية تمثل سندات أو ما شابه، وبالطبع في ذلك مسؤلية كبيرة على فيسبوك إذا أجاب ممثلها بنعم، لذلك كان على ماركوس أن يجيب بأن الليبرا ليست بسندات فهي فقط أداة للدفع ستحاول جاهدة أن تضمن عدم تقلب السعر بشكل مبالغ فيه.
لقد حاولت فيسبوك أن تقنع الكونجرس بأنها لا تنوى الهيمنة أو السيطرة على الإقتصاد من خلال توضيحها أنها لن تكون المتحكم الوحيد في هذه العملة بل وأنها سوف تكون صوت من بين مئة صوت يحكمهم منظمة كبيرة خاصة باليبرا فقط، إلا أن هذا الأمر أنقلب على فيسبوك بالحديث حول عدم خضوع أموال الناس التي وضعوها في الليبرا لأي قوانين وأسس واضحة بسبب تلك اللامركزية التي تتعامل بها العملات الرقمية بفضل خاصية البلوكشين. فقد نشر الرئيس الأمريكي تغريده يوضح فيها أن ما تحاول فيسبوك القيام به هو بنك يجب تنظيمه وخضوعه لقوانين واضحة إذا ما أردوا تنفيذ هذه الفكرة.
لقد كانت هذه الإنتقادات وأكثر منها هي محور عدد ليس بقليل من الجلسات الخاصة بالكونجرس الأمريكي مع مندوب الكونجرس دافيد ماركوس، حيث من المتوقع أن تشهد الجلسات القادمة التي سوف تناقش هذا الموضوع سخونة أكثر في ظل عدم القبول الواضح للفكرة التي طرحها فيسبوك بخصوص العملة الإلكترونية الخاصة بهم، وكذلك التخوفات الكبيرة التي يشعر بها عدد كبير من أعضاء الكونجرس حول مدى قدرة ضمان عدم تعرض الطبقة المتوسطة والفقيرة لخسائر قد تعصف بهم بسبب التقلبات الوارد حدوثها في الإقتصاد بسبب تلك العملات الرقمية.
ويظل الخوف الأكبر لدى أعضاء الكونجرس هو إمكانيه لعب العملات الرقمية لدور أكبر من مجرد كونها إداة اسثتمار أو حتى امكانيه شراء بعض المنتجات من خلالها، فالخوف الأكبر هو إحتمالية تحكمها في جزء كبير من الإقتصاد العالمي نظراً لطبيعتها الشبكية، والتي أصبحت تتحكم حياة الإنسان بوضوح بسبب التكنولوجيا الحديثة، فقد ظهرت النواة الخاصة بهذا الأمر من خلال مواقع كبيرة مثل أمازون وعلي بابا ووي شات. فلابد من وجود الضمانات التي تطمئن الجميع على تحقيق التوازن الإقتصادي بداية من المستهليكن ووصولاً إلى المستثمرين والحكومات.